قراءة فى رواية 'لست أنا ... لكنه اسمى' لأحمد ماضى
أضيفت فى الأحد 21 سبتمبر 2014
منذ عشر سنوات ، وبالتحديد فى 27/9/2004 أهدانى الأستاذ أحمد ماضى نسخة من روايته " لست أنا .. لكنه اسمى .." وقد كتب على صفحة الإهداء : " فى ضربة حظ عجيبة قضيت عشر ساعات نزيل الحجز بقسم شرطة مدينة نصر والسبب : اسمى
لأنه نفس الاسم الرباعى لمجرم عتيد فى الإجرام.
زالت عنى رهبة الموقف بعد ساعة واحدة ، عندما انصهرت مع هذا العدد بين الضائعين. وعندما جاءوا لتهنئتى بإخلاء سبيلى تولانى الفزع والحزن ... إذ خرجت لاحتضان حريتى وخلفى هذا الكم من البؤساء الذين سلب الضياع حريتهم "
ومن يعرف أحمد ماضى يدرك كم هو صادق فى إحساسه ، فحريته لا معنى لها ، مادام هناك من يقبعون خلف الأسوار ، يتشممون رائحة الحرية الآتية من بعيد عبر نوافذ ضيقة وقضبان حديدية .
ولقد عرفت أحمد ماضى جيدا من خلال حرصى على حضور صالونه الأدبى فى الفترة التى عينت فيها مشرفا على كلية الآداب بكفر الشيخ ، عرفته إنسانا صافيا وصادقا ومهموما بوطنه ومواطنيه ... وعندما عقدت الهيئة العامة لقصور الثقافة مؤتمرها الأدبى التاسع لإقليم شرق الدلتا الثقافى بكفر الشيخ فى يونيو 2010 برئاسة أحمد ماضى ولتكريمه ، دعيت للكتابة عن إحدى رواياته ، فاخترت رواية " البلاد وأشلاء العباد " .
وقلت – فيما قلت – " إن هذه الرواية هى قصيدة رثاء لمصر ، وما حدث لها بأيدى حفنة من أبنائها وصلوا إلى السلطة بالزور والبهتان ، امتلكوا الأموال التى اشتروا بها كل شئ ، وأخذ الوطن ينكمش تحت أقدام أبنائه الذين دفعوا حياتهم فى سبيل الدفاع عنه "
وبصدد تلخيصى للرواية قلت : " يستعرض الكاتب ما حدث لمصر عبر الستين عاما الأخيرة من انتكاسات ، فجذور التردى بدأت فى عهد عبد الناصر ، أما الفروع والأوراق فكانت قد أينعت وترعرعت فى العصر التالى ، هذا العصر الذى شهد موجات متتالية ومتتابعة من الفساد ، ربما لم تحدث فى مصر حتى فى زمن المتنبى حين قال :
نامت نواطير مصر عن ثعالبها حتى بشمن ، ولم تفن العناقيد
أما ما يحدث الآن ، فقد تجاوز مرحلة نوم النواطير إلى تواطئها مع الثعالب ، وتهيئة الأجواء ( الصالحة ) لنموها وانتشارها .... لقد جلس النحالون على مقاعدهم فى كل المواقع ، وأخذوا يديرونها وفق أهوائهم .. لا يخلو موقع الآن فى جهاز الدولة من نحال كبير ، وما نسمعه وما نشهده من مآسى التزوير والنهب والسرقة والابتزاز ، وبيع الوطن بالقطعة ، والمشترون هم النحالون الذين سرقوا أموال هذا الوطن وهم يستظلون بقباب المجالس التى يصولون فيها ويجولون ويحتمون بالحصانة " (1)
وتعد هذه الرواية وثيقة تؤرخ للفساد الذى كان سببا فى اندلاع ثورتى 25 يناير 2011 ، 30 يونيو 2012 وهى شهادة تحسب لأحمد ماضى ، حيث كانت رؤيته تتجه الوجهة الصحيحة ، وترى ما سوف يحل بهذه العصابة التى استحلت كل شئ .
***
لست أنا .. لكنه اسمى :
واليوم أدعى للكتابة عن إحدى روايات أحمد ماضى ، فأجدنى أتناول روايته " لست أنا .. لكنه اسمى " وأقرأ الاهداء ، ثم أستعرض أحداث الرواية التى قرأتها منذ عشر سنوات ، وأضحك لهذه المفارقة التى حدثت بالفعل لأحمد ماضى ، وذلك حين اقتيد إلى قسم شرطة مدينة نصر ، ووجد نفسه محشورا بين مجموعة من الضائعين .. أخذ يصغى إلى ثرثرتهم ، ولعله كان يدرى أن هذه الثرثرة ستتحول إلى عمل أدبى هو هذه الرواية .والحدث الأساسى فى هذه الرواية هو هذه المفارقة ، حين تجد أن اسمك الرباعى هو نفس اسم مجرم عتيد فى الإجرام ، ومطلوب القبض عليه ، وكما يصوره أحمد ماضى ، " هو مواليد 1950 ... وفى عمره الذى يزيد عن نصف القرن كانت له مسيرة من الإجرام المتعدد المسميات ... من تعاطى المخدرات ... إلى شيكات النصب ... إلى سرقة الأراضى ... وهو فى كل الأحوال يعمل من خلف منبر صغير عبارة عن كشك لإصلاح وبيع الساعات فى حى المنشية ... لعله الطعم الذى يتعرف فيه على زبائنه ... ويعقد منه مغامراته"(2)
ثم يتابع الحديث عن هذا المجرم : " لعله جال بخاطره أى شئ ... ولكنه من المؤكد أنه لم يجل بخاطره أن هناك رجلا يحمل نفس اسمه له هموم أخرى ، وحيوات أخرى .. وآمال أخرى ....رجلا اشترك معه فى الاسم الأول .. وفى الاسم الثانى للأب .. وفى اسم الجد .. ثم اسم العائلة .. رجلا كان يتمنى أن يهتف فرحا لعثوره على سمىَ له عالم .. أو سمىَ له شاعر .. أو سمىَ له : يتحدثون عن محاسنه".(3)
وقد كان على المتهم ( أحمد ماضى ) أن يثبت أن هذا الاسم ليس اسمه ، وقد استطاع أن يصل إلى هدفه بعد صولات وجولات قام بها الأبناء بمساعدة القادرين من الأهل ، ويستطيع أن ينام بعد إخلاء سبيله ، وتنتهى الرواية على هذا النحو :
" ومن المؤكد أننى سأستسلم لنوم هادئ هانئ .. لأننى مفعم بالرضا .. الرضا لأننى راهنت على أننى : أنا .. وأننى أكدت للجميع أن هذا الاسم ليس لى .. رغم أنه اسمى"(4)
***
ضائعون يثرثرون :
أول البؤساء الذين تتاح للكاتب الحديث معهم فى السجن ، هو شخصية بلا ملامح ، وبلا اسم ، غير أن صفته هى " أنه أحد أصحاب الجلاليب الكالحة " وقد وقع هذا البائس ضحية للشيخ محمد الذى يبيع للدنيا كلها غرف النوم والثلاجات والبوتاجازات .. بالتقسيط ، وهو يعرف كيف يسوق بضاعته الفاسدة لدى زبائنه ، ويعرف بعد ذلك كيف يفترسهم بشيكات على بياض ، ثم كيف يصبحون نزلاء السجن إذا قصروا فى دفع قسطين أو ثلاثة ، وهذا ماحدث لهذا الضائع....غير أن الكاتب يستثمر حكاية الشيخ محمد فى كشف عورة التدين الزائف و المغشوش الذى شاع وسط طائفة ليست قليلة فى المجتمع ، ومن ثم فإن الكاتب راح يعمل خياله فى رسم صورة لشخصية الشيخ محمد ، وذلك بمطابقتها على صور حقيقية يصطدم بها صباح مساء . يقول : " رحت أتخيل شكل هذا الشيخ ... من المؤكد أن له لحية وقورة ... ووجها بشوشا ... ويمسك بمسبحة ... ويواظب على أوقات الصلاة وتأخذه الرجفة والفزع إذا صكت أذنه كلمة يطلقها الغوغاء فى الشوارع يسبون بها الدين ... يرتجف ويفزع لأنه حتما حريص على هذا الدين .. رحت أتخيله ينام هانئا قرير العين على سرير إحدى غرف النوم التى يتاجر بها ولكنها موبيليا مختلفة بها الفخامة والعز .. تجاورها خزينة الفلوس المحشوة بأوراق البنكنوت .. يصلى العشاء وينتهى من الدعاء ثم ينام مبكرا ليصحو مبكرا لتجارته .. ربما تشغل باله بعض الأشياء .. كوصول بضاعة جديدة .. أو تأخر المهندس فى تقديم رسومات عمارته الجديدة .. ولكن لن تشغل باله بأى حال صورة امرأة خطف منها زوجها .. وكاد أن يخطفها هى الأخرى إلى السجن طالبا منهما ستة أضعاف ما يستحقه .. مستخدما كل وسائله الجهنمية مع المحضرين والمحامين للتنكيل بزبائنه .. الزبائن الذين يلاطفهم عند التعاقد بشرب الشاى .. ثم يجبرهم بعد التمكن منهم إلى شرب المر ...(5)
ويرى الكاتب أن السادات ومبارك كانا مسئولين بشكل ما عن استغلال الدين من جانب طائفة كبيرة واتخاذه أداة للتكسب ، وما الشيخ محمد إلا نموذج لهذا الاتجاه ، وفى الوقت الذى يرى فيه الكاتب أن عبد الناصر كان قد قطع يد أمثال الشيخ محمد ، ولم يعط لهم الفرصة لكى يمارسوا انتهازيتهم الدنيئة ، غير أن الأمر كان قد اختلف مع الرئيسين التاليين ، وذلك لأن من جاءوا بعد عبد الناصر " راحوا يصرفون وقتهم فى إيجاد صيغة جديدة وعصرية لضبط العلاقة بين الشيخ محمد وضحاياه ... وغالبا ما يأتى اقتراح الشيخ محمد باهرا ولامعا ومقنعا وهو يؤكد أن الإسلام أطلق العنان للربح الحلال .. وأن العقد شريعة المتعاقدين .. وأن الرضا سيد الأحكام .. ولن يعدم الشيخ محمد ومحاميه الوسيلة فى صك القوانين والشعارات التى ترجح كفته .. فما أكثرها تلك القوانين والشعارات اللامعة التى رسخت الظلم وهى تغلفه بسيلوفان العدل الزائف".(6)
وبعد أن يتحدث الكاتب عن الوحدات الانتاجية ، ووحدات التشغيل والصيانة التى انتشرت فى عهد عبد الناصر والتى كان لها أثر كبير فى تسهيل حياة الناس واتاحة الفرصة للشباب لأن يقيموا أسرة دون أن يتعرضوا لما يخبئه لهم الشيخ محمد وأمثاله من شر ، غير أن من أتى بعد عبد الناصر كان قد " أخلى الطريق وعبَده للشيخ محمد وأمثاله يتاجرون بأحلام الفقراء .. ومصائرهم ..(7)
اما الضائع الثانى ، فهو لص ، حرامى شقق ، وتصادف أنه مارس هوايته فى أرض الجولف ، تلك المنطقة التى يسكن فيها الراوى .. ثم أخذ هذا اللص يتحسر على أيام زمان ، عندما كان يكسر الشقة فيحصل منها على مبالغ طائلة .. أما الآن فإنه لا يعثر إلا على الفتات .... ويستثمر الراوى الحوار الذى دار بين اللص وزميل الراوى ليكشف عن أزمة هذا اللص بسبب أنه لا يعرف كيف يختار زبائنه .. ولينبهه إلى أن طبقة جديدة اسمها لصوص القطاع العام الذين يمتلكون أموالا طائلة لا يضعونها فى البنوك انتظارا لتهريبها أو غسلها ، وأن هذه الطبقة هى الأولى بأن تكسر أبواب شققها وفيلاتها.. وهو بهذا يؤكد على الانهيار الذى أصاب القطاع العام الذى شيده جمال عبد الناصر ... وبالعودة إلى اللص ، نجده يتوجه إلى لبنان بعد أن ضاقت به الفرص فى مصر ليعود بعشرين ألف دولار بعد شهر واحد .
ويعلق الروى على هذا مبرزا الفرق بين هذا اللص الواضح ، وبين اللصوص الآخرين الذين يسمون بالبشوات والبكوات الذين يتمتعون بكامل حريتهم خارج الأسوار ، لكنهم لم يتركوا جريمة إلا اقترفوها ، ولو وضعت جريمة هذا اللص إلى جانب أقل جريمة من جرائمهم لبدت تافهة لا تستحق أى إدانة .
أما الضائع الثالث فهو سواق ميكروباص يكشف كيف يستغل ضباط وأمناء الشرطة سلطتهم فى التربح وذلك حين " يعمد الضابط أو الأمين إلى شراء سيارة ميكروباص قديمة باسم شخص آخر يثق فيه ويدفع مقدما تافها ثم أقساطا معقولة ويسلمها لسائق ما ... والسائق مسئول عن دفع الأقساط بانتظام وتسليم باقى الإيراد ".(8)
والسائق فى هذه الحالة ليس ملزما باتباع أى قواعد أو قوانين ، فهو أكبر منها جميعا ، " فله مطلق الحرية فى السير بالطريقة التى تعجبه لا التى تعجب قانون المرور... والوقوف فى المكان الذى يعجبه وليس الذى يعجب الجمهور ... ويكسر الإشارات التى تعجبه .. ويفتعل الخناقات التى تعجبه .. فشعوره بالحماية يجعله متعاليا على الخوف من المحاسبة والمؤاخذة ".(9)
والمفارقة هنا هو أن السائق قد دخل السجن بسبب عجزه عن دفع كمبيالة بـ 350 جنيه ، بينما الذين يسرقون الوطن ، لا أحد يعبأ بهم ، بل ربما نباركهم ونقدم العون والتحية لهم .
أيديولوجية الكاتب :
سبق أن ذكرنا إشارة الكاتب إلى ما حدث فى عصر عبد الناصر من انتشار الوحدات الانتاجية ، ووحدات التشغيل والصيانة ، والتى كان لها أثر كبير فى حالة الرخاء التى أحس بها الناس ، ناهينا عن تيسير الفرص للشباب لكى يقيموا أسرا ويفتحوا بيوتا دون أن يقعوا فى شباك الشيخ محمد وأمثاله من المتاجرين بالدين .أيضا ستجد أحمد ماضى يتطلع بشوق – وفى كل رواياته – إلى نهر الحنين المتدفق من الفترة الناصرية ، وهو لا يستطيع - مثل كثيرين – أن يقمعوا حنينهم الجارف نحو هذه الفترة التى بلغت فيها مصر قمة زهوها بنفسها ، والكاتب محق ، وهو دائم الاجترار من معين زمن جميل ، يجد نفسه يقارن بينه وبين أزمنة تالية افتقدت قيم الجمال ، بل استبدلت هذه القيم بقيم أخرى قبيحة .
هو لذلك حين يلمح ما سجله السجناء القدامى فوق الجدران حين كتبوا أسماءهم يتقدمها جملة " العظماء الثلاثة " يذهب مفكرا فى مشكلة الأنا ، مشكلة التضخم الذاتى والشعور بالتميز والأفضلية وينفذ من هذا إلى المقارنة بين السادات وعبد الناصر متسائلا : " هل كان يجب على السادات أن يحشر اسمه وصورته بجانب اسم وصورة جمال عبد الناصر فى لوحة النصب التذكارى بالسد العالى .. رغم أنه يعلم أن الشعب كله يعرف أنه لا علاقة له بالسد العالى .. وأن السد العالى هو مشروع ومعركة وألم عبد الناصر .."(10)
ثم يفسر هذه الحالة بأنها " حالة سطو من ذات على ذات أخرى لأنه كان يبحث عن ذاته كما جاء فى عنوان كتابه .. أما حالة هذا المسجون .. وهؤلاء العظماء الثلاثة فهم يعبرون عن ذاتهم كما يرونها .. وأين .. ومتى .. فعلوا ذلك ؟.. عندما طردهم المجتمع وانفصلوا عنه مرغمين ووجدوا أنفسهم يعانون الوحدة والتجاهل وإعادة الاصلاح والتهذيب .. لقد عادوا إلى ذواتهم يناقشونها وصمت الوحدة يلفهم بالعذاب .. ومرارة التجاهل تكسوهم بالغيظ .. وراحوا يعيدون حساباتهم مع أنفسهم ومع الناس الذين تركوهم خارج هذه القضبان .. فاكتشف السجين أنه هو العظيم .. وأنه هو السليم .. فعمد إلى ذائقة أجداده الفراعنة وراح يسجل ذلك أقصد : راح ينقش ذلك فوق معبده .. أقصد : فوق جدران زنزانته".(11)
وهكذا يؤكد الكاتب تعاطفه مع هؤلاء المساجين الضائعين ، وهو يلتمس لهم العذر حين يبحث كل منهم عن ذاته التى افتقدها فى الخارج ، فى حين لا يغفر لرئيس الدولة بحثه عن ذاته ، بما أسماه السطو على ذات أخرى .. اللصوص ليسوا داخل الزنازين ، اللصوص فى الخارج أكثر وأشرس وأكثر قدرة على سرقة أى شئ ، وكل شئ والسرقة لا تقتصر على الأشياء ، بل قد تنسحب على الأدوار ، وما صنعه السادات مع عبد الناصر صنعه حسنى مبارك مع سعد الدين الشاذلى حين أزال صورته واستأثر بمكانه ليكون هو البطل الأوحد . وكأنى بالكاتب يؤكد على أن رؤساءنا أولى الناس بالسجن من غيرهم ، وقد تحققت هذه النبوءة حين سجن رئيسان مصريان متتاليان مع أذنابهما وأشياعهما.
وكما كانت رواية " البلاد وأشلاء العباد " رثاء لمصر وما يجرى فيها ، كذلك نلتقى مع رواية " لست أنا .. لكنه اسمى " إنها أيضا تعزف على وتر الرثاء لبلد يمكن أن يحدث فيه أى شئ وكما يقول الراوى :
" أنت يمكنك أن تتصور أى شئ فى مصر .. لأنه لا توجد قاعدة لأى شئ فى مصر .. القاعدة هى الاجتهاد .. والفهلوة .. وأن تبعد عن الحب وتغنى له .. وأنت من خلال إغراقك فى هذه المعطيات فسوف تكون معرضا لأحد نقيضين : إما الأذى الشديد .. أو الحظ الشديد ..وحتى تنول هذا الحظ فأنت بحاجة إلى خوانكى يحرك الأحجار من أجلك .. خوانكى يحس بك ويراهن على براءتك ويحرك الناس لتحقيقها. لن يسعى إليك الحظ بحكم النظم واللوائح .. وأن تكون قد نلت المهانة والهوان ذلك هو الشئ الأكيد إن لم يساندك الحظ .. ولو كنت واحدا ممن يتساءلون : أين حقوق الإنسان ؟.. فاعلم أن الإجابة هى : ( حتى نكون جميعا متمتعين بحقوق الإنسان فى مصر يجب أن يكون هناك خوانكى .. لكل مواطن ).(12)
وهكذا ينتقل أحمد ماضى من الهم الخاص إلى الانشغال بالهم العام ، بقضايا مصرية تشغل بال الناس وتقض مضاجعهم بسبب انتشار الفساد فى البلاد ، ولعله بسبب ذلك وجد أن المحجوزين خلف القضبان أكثر التزاما بالمبادئ والقيم والشرف ربما أكثر من هؤلاء الذين يطلقون عليهم ألفاظ البكوات والبشوات ممن يتمتعون بكامل حريتهم فى سلب حقوق المحجوزين خلف القضبان ، وإنها لمفارقة محزنة.
ومن الملاحظ أيضا أن هؤلاء الضائعين ليست لهم أسماء ، لأنهم يشبهون بعضهم ، ويصعب أن يتميز أحدهم عن الآخر ، هم بلا أسماء وبلا ملامح ، الملمح الوحيد الذى يجمع بينهم هو تلك الجلاليب الزرقاء التى يرتدونها علامة الفقر والعوز ، وتلك اللغة السوقية التى يتحدثون بها ولا يعرفون كيف يتجملون لأنهم ضحية مجتمع ألقى بهم فى الأزقة والشوارع تتولى تربيتهم ، ولعل الكاتب قد اختصر أسماءهم فى اسم واحد هو " جرادة " ، هم جميعا يتماهون مع هذا الاسم ، وكما ان الجرادة تهيم على وجهها فى الآفاق مع قريناتها من فصيلة الجراد لا تعرف لها مأوى ، ولا تجد من يبحث عنها إلا ليبيدها ، فكذلك هؤلاء الضائعون ، كتب عليهم أن يظلوا مشردين هائمين على وجوههم فى الأزقة وفى الشوارع وتحت الكبارى فكلهم " جرادة " .
الوطن / السجن :
كان اهتمام الراوى مركزا بعد دخوله غرفة الحجز على معرفة من هو بلطجى السجن ؛ هذا البلطجى الذى يمارس سطوته على الخائفين من حوله ، وهو يجد منهم كل الاستجابة لأنه لم يجد من يعارضه ويحاسبه على هذه الزعامة التى فرضها بسفالته على الآخرين ... غير أن هذه الفكرة تذهب به إلى أبعد من ذلك حين يربط فى صورة تشبيهية بين السجن وبين الوطن ؛ إذ الأخير ليس إلا صورة مكبرة من الأول ، وفى خضم بحثه عن بلطجى السجن نجده يقول :
" إنه لا يعقل أن تكون فى مصر زنزانة بلا بلطجى .. يفرض رأيه .. ويفرض الإتاوات .. وتكون كلمته هى العليا .. يكون هذا البلطجى هو السيد ومن حوله هم الخدم .. يكون هو المخيف .. ومن حوله هم الخائفون .. يكون هو المهيمن ومن حوله مجرد أشباح ينفذون أوامره .. ألا يجب أن تكون الزنزانة صورة مصغرة للمجتمع ؟!!"(13)
وهكذا ينفذ المؤلف من أزمته الخاصة إلى أزمة الوطن ، الوطن الذى أصبح رهينة لحفنة من البلطجية وصفهم المؤلف بالأوغاد فى رواية " البلاد وأشلاء العباد".
الوطن الذى أصبح صورة مكبرة لغرفة الحجز التى احتوت على مجموعة من المشردين الضائعين ، وكما أنه من المعتاد أن يتولى أمر السجن بلطجى يسيطر ويتحكم ويصدر الأوامر ، فكذلك الوطن يقوم على أمره بلطجى كبير يفرض رأيه ، ويفرض الإتاوات ، يكون هو السيد ومن حوله خدم ، ومن خلال هذه الصورة التشبيهية يعرى الكاتب مأساة الوطن الذى أصبح سجنا يتربع على عرشه بلطجى كبير ، يعين حوله مجموعة من البلاطجة يديرون أمر البلاد ، وهذه هى الصورة التى اهتم الكاتب بتجسيدها فى معظم رواياته ، ولعل رواية " البلاد وأشلاء العباد " تكون هى التجسيد الأكبر لهذه الأفكار ، ولعل الكاتب هنا يلتقى مع ما ذهب إليه أحمد عبد المعطى حجازى فى قوله :
" أقسى السجون وأمرها ، تلك التى لا جدران لها " (14)
وكذلك قول القائل :
" والسجن ليس دائما سورا ، وبابا من حديد
فقد يكون واسعا بلا حدود
كالليل .. كالتيه
نظل نعدو فى فيافيه
حتى يصيبنا الهمود"(15)
فإذا ذكرنا أن الكاتب قد انتهى من كتابة روايته تلك سنة 2002 أدركنا أنه كان يعكس ذات الهموم التى بثها فى رواية " البلاد وأشلاء العباد " ولعل رسوخ دولة الفساد فى عصر مبارك كان حافزا للكتابة فى هذا الموضوع وذلك فى معظم روايات أحمد ماضى باعتباره شاهدا على هذه المرحلة من تاريخ مصر .
وحين طفق الكاتب يراقب سلوك نزلاء السجن ، لم يجد فرقا كبيرا بينها وبين سلوك من هم خارج الأسوار ، بل " إنها نفس الأدوار التى يلعبها البشر فى الخارج .. البواطن شئ والظواهر شئ مخالف .. إنه الخوف الحقيقى الذى يتولد من خوف مفترض .. إنها الزعامة الزائفة التى تعلو فوق قلوب مرتعشة .. إنها الرهبة من أشخاص طيبين لأننا لم نحاول أن نضع أيدينا على مدى طيبتهم .. إنه التأليه لأناس تافهين لأننا لم نحاول أن نتبين إلى أى حد هم تافهون.." (16)
تعاطف الراوى مع شخصياته :
ويلاحظ أن الستون العام الذى يحسه الراوى تجاه الضائعين وراء الأسوار ليس هو إدانتهم رغم تورطهم فى قضايا مخلة بالشرف ، لكنه بدلا من ذلك يتعاطف معهم ، وإن كان لا يبرر مسلكهم ، إلا أنه - على الأقل – يتفهم الدوافع الاجتماعية التى ألجأتهم إلى
هذا الوضع ، ومن ثم فإنه لا يتحامل عليهم قدر ما يتعاطف معهم ... فحين يبدو " جرادة " حريصا على خشوع الصلاة ثم يسب الدين ، لا يفسر ذلك على أنه تناقض ، إذ يقول مبررا :" جرادة لم يأت بفجوة بين ما يقوله وما يفعله ، فهو لا يقول إلا على ما جُبل على قوله .. فالسباب لازمة من لزمات الحديث عنده .. لم يتعلم غير هذه الطريقة التى يخاطب بها الناس .. لقد فهمت ذلك منذ أن قال لى أمرا .. " اتزحزح شوية " .. هو لم يتعلم كلمة " من فضلك اتزحزح شوية " أو " لو سمحت اتزحزح شوية " لو قال ذلك فسوف يحس هو نفسه أنه ثقيل الدم .. وأن هذا الكلام الناعم لا يليق بشخص مثله .. فهو لا يعرف سوى الخشونة يأخذها ويعطيها .. لا يعرف سوى السباب .. يأخذه ويعطيه .. لا يعرف سوى المشارط والسكاكين يتلقاها فى وجهه ويلقيها فى وجه الآخرين .. فكيف له أن يتجمل وهو لم يقابل الجمال .. وكيف له أن يزيف طريقته وهو الذى مل من كثرة الزيف الذى يحيط به .. ؟ ولكن من المؤكد أن حرصه على وجوب استتباب الخشوع أثناء الصلاة شئ يحس به فى داخله ويجب أن يعمل على تحقيقه ...أيضا بطريقته ... قلت لنفسى .. جرادة مش وحش .. جرادة يفعل ما يحب وباقتناع .. جرادة واحد مش مزيف"(17)
ويذهب الراوى إلى أبعد من ذلك ، حين يرى أن اللصوص القابعين خلف الأسوار أشرف بكثير من هؤلاء البكوات والبشوات الذين يتبوءون أعلى المناصب فى الدولة ويمارسون أبشع جرائم السرقة ،ومع هذا يتباهون بأنفسهم ، ويرتدون أقنعة تخفى حقيقتهم ، لأنهم أجبن من أن يعلنوا عن حقيقتهم ، تلك الحقيقة التى لا يتردد السجين من إعلانها ، يقول أحمد ماضى معلقا على اللص السجين :
" إذن فأنا أمام حالة إبداع ... إنسان يبدع فى مهنته ويخلص لها ... الفرق بينه وبين البكوات والبشوات أنه يسمى الأشياء بأسمائها ويقول عن نفسه أنه لص ... ويضع فى حسابه أنه يسلك الطريق الذى لا يستطيع أن يسلك غيره ... أى لا يتوارى فى مهنة معلنة ويمارس مهنة أخرى غير معلنة ... مثل الذين يغسلون أموالهم التى أتوا بها من أعمال غير شريفة فيعملون بها – شكلا – فى أعمال شريفة ... وهم يعلمون أنهم يزاحمون الشرفاء ويضيقون عليهم الخناق ... فيحطمون أسعار بنود المقاولات ... إذا راق لهم أن يغسلوا بها أموالهم ... ويحطمون أسعار السلع إذا تاجروا فى السلع ... فيتاجرون فى السيارات نهارا ... وفى الحشيش ليلا ..."(18)
الراوى إذن يرى أن من يقبعون خلف الجدران لا يشبهون فقط من هم خارج الأسوار ، بل لعلهم أفضل منهم ، وأقل إجراما عنهم ، وأكثر تمسكا بالمبادئ، ... وها هو اللص المتخصص فى سرقة الشقق والفيلات يبدى استعداده لأن يظل نزيل السجن على أن يعمل مع المباحث مرشدا على زملائه (19) ، ويترك الراوى الفرصة للص لكى يفضى عن مكنون نفسه ، مبرزا ما تنطوى عليه هذه النفس من قيم شريفة حتى وهو يمارس مهنته غير الشريفة ، يقول الراوى على لسان اللص :
" يجب ألا تظنوا أيها الناس أن اللص الموغل فى اللصوصية يحمل نفسا خالية من بعض ما عندكم من مزايا لا يحملها اللصوص .. بالعكس .. فكثيرا ما تركت النقود القليلة لأصحاب المنزل الذى أسرقه لثقتى وخبرتى أنهم لا يملكون غيرها .. كثيرا ما استجبت لحاستى التى تقول لى : " حرام عليك .. يمكن دى فلوس دوا .. وانت شايف الكوميدينو جنب السرير مليان علب دوا .. أكيد البيت دا فى واحد مريض .. حرام عليك .. سيب لهم فلوسهم .. وأخرج وأنا غير نادم أن حصيلتى الليلة : صفر .. ولكن الراحة التى تداخلنى مع انسحابى الفاشل لا تعادلها راحة .."(20)
ولا ينسى الراوى أن يعلق على هذا الموقف حرصا منه على اظهار النقط البيضاء الكامنة فى نفوس هؤلاء البؤساء . يقول :
" إنها النقط البيضاء المضيئة داخل كل نفس معتمة بالضياع والتشرد .. النقط التى يروق لصاحب النفس الضائعة أن يجرب الارتماء فى أحضانها ليتذوق طعم الرحمة والحنان .. إنه يجرب هذا النوع من العطاء الجميل الذى حرم من تناوله .. حرم من أن يستمتع به وهو يتلقاه من الآخرين .. وهو الآن لا يتعشم أن يتلقاه بعد أن امتلأت الأوراق والوثائق فى كافة أقسام الشرطة بأنه مسجل خطر "(21)
وتعاطف الراوى ينسحب من جرادة إلى كل رفاقه من الضائعين فى الزحام وبدلا من ان يشير إليهم باصبع الاتهام ، يشير بهذا الاصبع إلى الدولة ومسئوليها ، بل إلى المجتمع بأسره ، يقول :
" لقد وجدت أننا فى عز الغفوة التى تأخذ بتلابيبنا تركنا خلفنا حقيقة مفزعة لا يلتفت إليها أحد ..حقيقة الأطفال المشردين .. الأطفال البؤساء الذين يزداد عددهم يوما بعد يوم .. ويطولهم النمو فى عز تشردهم فيتحولون إلى صبية متمردين ثم شباب خطرين فرجال يمارسون الإرهاب .. ومن المؤسف أننا لم ننجح فى رصد هذه الحقيقة التى ربما وصلت إلى المسئولين وهم يسترخون على كراسيهم الوثيرة فى مكاتبهم المكيفة وعلى متن تقارير من منظمة العمل الدولية التابعة لهيئة الأمم المتحدة .. الحقيقة التى نسوها وهم يستعدون لإقامة حفل عيد الطفولة الرائق الذى سيبثه التلفزيون والذى اختاروا له نماذج مختارة من أطفال جاردن سيتى والمعادى ومصر الجديدة .. أطفال ينضح العز فى وجناتهم والسمنة فى أجسامهم .. وتلمع النعمة من أفواههم ..تلك هى النماذج المعروضة التى تغنى وترقص وتلتقط الصور مع ماما سوزان.. ولو كان لدى هؤلاء المسئولين بقية من خجل وبعض الكرامة لأفصحوا لراعية أطفال مصر عن العار المختبئ فى قلوبهم عن حقيقة هؤلاء الأطفال .. الحقيقة التى تعمدوا ألا يفصحوا عنها .. إنهم يقدمون ما يروق لهم وليس ما يجب أن تراه هى .. إنهم يفعلون ذلك وهم يعلمون أنهم يوارون جريمة كبرى تتفاقم يوما بعد يوم .. فهذا هو طفل مشرد يقف مشدوها أمام تليفزيون أحد المقاهى ينظر باستغراب إلى هؤلاء الأطفال السمان الذين يرقصون فى ملابسهم الخلابة .. ويتساءل بينه وبين نفسه .. هل هؤلاء مصريون ؟ .. ولن تأتيه إجابة قبل أن يطرده صاحب المقهى قرفا من شكله الصدئ .. ووجهه الملئ بالذباب .. وينصرف المسكين باحثا لنفسه عن نومة مستورة فى سيارة مهجورة أو ركن مستتر فى شارع هادئ .. ففى تلك العربة .. وذلك الركن .. سينمو شخص جديد .. وتتخلق نفس جديدة .. ويضاف إلى موكب الضائعين .. جرادة جديد."(22)
وهكذا أشار أحمد ماضى منذ وقت مبكر إلى الظاهرة التى تفاقمت فيما بعد وعرقت باسم أطفال الشوارع الذين تحولوا تحت إلحاح الحاجة إلى قنابل موقوتة وجهت إلى قلوبنا حين استغل حاجتهم المتاجرون بالدين ، ولقد رأينا جميعا ماذا فعل هؤلاء الأطفال من تخريب وتدمير أثناء ثورتى 25 يناير & 30 يونيو ، وكيف أن المسئولين يحاولون بشتى الطرق إخفاء هذه الجريمة ، وبدلا من الاعتراف بها ومواجهتها ، تجدهم يموهون عليها ، ويقدمون لنا واقعا زائفا ومزورا .
إن هذه الرواية ليست سوى حلقة فى سلسلة روايات أحمد ماضى ، وهو لا يقول من ورائها جميعا – مثل أى أديب كبير – إلا كلمة واحدة ؛ مصر لا تستحق عبث أبنائها بها ، هى بحاجة إلى حدبهم وعطفهم واخلاصهم لكي تنهض من كبوتها ، وتستعيد مجدها وزهوها .
وهذا يجعلنى أستعيد ما قلته أثناء تحليلى لرواية " البلاد واشلاء العباد " ، لأنه يقترب كثيرا من الآفاق التى يحلق فيها الراوى فى روايته تلك :
" وما إن تصل إلى نهاية الرواية حتى تشعر بضيق فى التنفس وارتفاع فى ضغط الدم على هذا الخراب الذى حل بوادى النيل ، وحين ترى النحالين يزدادون ويتناثرون فى أرجاء مصر المخروبة يعيثون فيها نهبا وسطوا .. أكرر متحسرا مرة أخرى مع صلاح عبد الصبور :
عبثُ ، والأيام تَجِدْ
لا أدرى ، كيف ترعرع فى وادينا الطيب
هذا القدر من السفلة والأوغاد.
لكن مهارة الكاتب تتجلى – فيما تتجلى – فى كونه رسم شخصيات تعيش وتتنفس بيننا ، ونحن نصطدم بهم فى شوارعنا ، ونبصق على وجوههم ، إذا أطلوا علينا عبر الشاشات فشخصية السيد النحال ، تحيلنا منذ البدء على شخصية برلمانية مشهورة ، والقارئ يتتبع مسيرة الشخصية الروائية ، ويقارن بينها وبين الشخصية الحقيقية الموازية لها من الواقع ، ولئن ساوره الشك فى بعض الأحيان إن كانت الشخصية الروائية هى ذاتها الشخصية الحقيقية ، إلا ان هذا الشك يزول تماما عندما طرح رأفت إبراهيم أسئلته فى مدونته قائلا :
هل يمكنكم قياس مساحة الجيوب التى يملكها النائب المحترم السيد النحال ؟ يقولون إنها جيوب تتسع للمكاسب الصغيرة ، أربعون ألفا تضمن بها مكانا لولدك فى كلية الشرطة أو الكلية الحربية ، والمكاسب الكبيرة مليونا جنيه تضمن بها مقعدا فى مجلس الشعب ".
عند هذا الحد يعود يقينك إليك ، لتثق ان هذه الشخصية الورقية هى نفسها الشخصية الحقيقية التى كنت تراها تختال بخستها ووقاحتها وفظاظتها تحت قبة البرلمان ، على شاشة التلفاز .لكن المهم هو أن شخصية السيد النحال لا يمكن أن تنحصر فى شخصية واحدة ووحيدة تعرفها ، ففى عصور الفساد يكثر النحالون ، وتتماهى وجوههم ، وتتشابك مصالحهم ، حتى ليختلط علينا الأمر فى بعض الأحيان ، ونحتار فى تمييز وجه نحالى عن وجه آخر ، فالسحن متشابهة ، والأخلاق واحدة ، والأهداف محددة ، ناهيك عن أن المنشأ واحد ، هو حظائر البهائم ." (23)
كلمة أخيرة :
لم يسبق لى أن قرأت لكاتب تعاطف مع الضحايا من المساجين ، كما قرأت لأحمد ماضى ، إنه ليس أى كاتب بقادر على أن يمنح الضحايا والمشوهين هذا القدر من التعاطف إلا إذا كانت نفسه تنطوى على قدر كبير من الصفاء والنبل والجمال.. ذلك أرانى كنت محقا حين صدرت احد كتبى بهذا الإهداء :أحمد ماضى:
صافيا ونبيلا وجميلا أراك ياصديقى
كأنما كبرت خارج الزمن
الهوامش :
1- راجع تحليلا كاملا لرواية : "البلاد وأشلاء العباد" فى الكتاب الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بعنوان " تجليات الثقافة فى الإبداع الأدبى بشرق الدلتا "، يونيو 2010 ص 47 : 82 ، والاقتباسات الواردة ص 80 : 81 .أما كلمة "النحالون " فمشتقة من " سيد النحال " أحد شخصيات الرواية ، وهى تحيلنا – على صعيد الواقع – إلى فاسد كبير وانتهازى خطير ، كان الكل يشير إليه باصبع الإتهام ، غير أنه كان من المرونة بحيث يبرر كل ما يأتى به من مفاسد ، وما يرتكب من جرائم ، وظل يضحك على المصريين حتى فى مشهد موته الأخير ، حين تركنا قبل اندلاع الثورتين المذكورتين حتى لا نرى وجهه مع أقرانه من زمرة الفساد بين القضبان .2- أحمد ماضى : " لست انا .. لكنه اسمى " نسخة مطبوعة على حساب المؤلف ، ص 99
3- الرواية ص 99
4- الرواية ص 10
5- الرواية ص 39&40
6- الرواية ص 42
7- الرواية ص 43
8- الرواية ص 75
9- الرواية ص 75
10- الرواية ص 91
11- الرواية ص 91&92
12- الرواية ص 98
13- الرواية ص 36
14- أحمد عبد المعطى حجازى ، الأعمال الكاملة ، دار العودة ، بيروت ، 1992، ص 256&257
15- أدونيس : غبار الطلع ، صحيفة الحياة اللندية ، 26-3-1992
16- الرواية ص 37
17- الرواية ص 64
18- الرواية ص 56
19- الرواية ص 58
20- الرواية ص 59
21- الرواية ص 59
22- الرواية ص 66&67
23- راجع تحليل الكاتب لرواية " البلاد وأشلاء العباد " مرجع سابق ، ص 47 : 82 .