فى الجيش
كان جنديا بسلاح المظلات ، واشترك عبر سبع سنوات ( 1967 ـ 1974 ) بجهد ما فى حروب الاستنزاف ، ثم فى حرب اكتوبر 1973 وجصل على أكثر مما يستحق حين نال وسام شرف المعركة . لكن إذا كانت معركته مع عدو الخارج قد انتهت فإن معركته مع أعداء الداخل لم نتنه بعد .
وإذاكان هذا المقاتل قد وجه سلاحه بالامس إلى صدر عدو متربص خارج الحدود ، فإنه يوجهه اليوم ليكشف عدوا قابعاً داخل الحدود ، يعيش " فوقنا وتحتنا وحولنا وفينا " . قد يهبط علينا من فوق ، وقد يصعد إلينا من أسفل ، وقد يتقافز حولنا ، وقد يعربد فينا ، ولكن النتيجة فى كل الحالات واحدة : تفريغ ورحى ، تدمير عقلى ، تشويه شعورى ، تخريب وجدانى ، قهر جسمانى .
وإذا كان عدو الخارج قد سرق ـ إلى حين ـ أرضنا فإن عدو الداخل قد :
سلب مشاعرنا حين استخف بها وصادرها
سلب عقـولنــا حين تولى بالنيابة عنا مهمة التفكير لنا
سلب أصدقاءنا حين أغراهم فأصبحوا عيونا علينا
سلب أهلنــــــا حين شوههم فتحولوا إلى قامعين لنا
سلب وجودنـــا حين احتكر الوجود لنفسه دوننا
سلب ديـنـنــــا حين مسخنا مهرجين ، منافقين ، وصوليين
لاعبى سيرك وقردة .
. . . . . . . .
. . . . . . . .
ولم يكتف بهذا كله ، بل انتهى إلى أن سرقنا من أنفسنا حين جعلنا نقمع أنفسنا بأنفسنا . . . ألا يستحق هذا العدو خوض معركة إن لم تؤد إلى قتله ، فقد تؤدى إلى فضحه ، أو حتى إلى الوعى به ؟ ولئن كنا قد استرددنـا أرضنا من عدو الخارج ، فهل يمكن أن نسترد أنفسنا من أعداء الداخل ؟ ! .
الفترة (1967 حتى 1974م) التي قضاها الدكتور أحمد عبد الحي في الجيش عامرة بالمواقف الإنسانية النابضة واللحظات الفاصلة التي واجه فيها مع زملائه الموت .. وفرحة تحقيق الهدف .. بالطبع فترة من عمر أستاذنا تستحق التدوين والتسجيل ، ولذا آمل أن يكتب عنها راصداً بقلمه النابض غيرها من مراحل حياته في سيرة ذاتية تشبع فضولنا حول جوانب خبيئة في حياة الدكتور أحمد عبد الحي .. كنجربته العاطفية ،أحلامه المهدرة ،المواقف التي هزته ولا تزال تؤثر فيه كلما تذكرها ، الأشخاص الذين أعاقوه والذين ساندوه ، متى كان قاسيا أكثر مما ينبغي ؟ ومتى كان رحيما في موقف يستحق الحزم؟ وهل الماضي لص يسرق منه لحظات حاضرة من الممكن التمتع بها ؟ .
أعلم يقيناً أن رحلته صعية وستكون ممتعة للقارئ . وأثق أن الدكتور أحمد لن يتحرج ــ كما تحرج غيره ــ من ذكر لحظات الضعف الإنساني .
شحاتة الحو