أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب ، جامعة دمياط
مقالات اكتوبريات مناقشات كتب صور سيرة حياة اتصل بي

هل آن أوان الاعتذار للدكتور نصر حامد أبوزيد

أضيفت فى الجمعة 10 أبريل 2015
كان الدكتور نصر حامد أبو زيد مدرسا مساعدا فى أواخر سبعينيات القرن المنصرم ، وكان يعد أطروحته للدكتوراه عن الفرق الإسلامية وفى القلب منها المعتزلة ، وكان يحدثنا نحن طلاب قسم اللغة العربية فى بعض المحاضرات التى كان يحضرها بديلا عن أ.د. عبد المحسن بدر وأ.د. جابر عصفور – كان يحدثنا عن همومه الفكرية التى تمحورت حول التطرف الدينى الذى بدأت بذوره الأولى تنتشر فى الجامعات المصرية فى صورة طلاب ينتمون إلى جماعات إسلامية ... وكان يرى ببصيرته خطورة هذه الجماعات وأنهم سيشوهون وجه الإسلام ... وحين كنا نعبر عن قلقنا من هؤلاء الطلاب الذين أطلقوا لحاهم وهجروا المحاضرات واعتصموا بمسجد الكلية الضيق كأنهم يحيكون خيوط مؤامرة ... كان هو يستشرف المستقبل مستشهدا ببعض أشعار صلاح عبد الصبور :

" رعبٌ أكبر من هذا سوف يجيء
لن ينجيكم أن تعتصموا منه بأعالى جبل الصمت / أو ببطون الغابات
لن ينجيكم أن تختبئوا فى حجراتكمُ
أو تحت وسائدكم ، أو فى بالوعات الحمامات
لن ينجيكم أن ترتدوا أطفالا
لن ينجيكم أن تقصر هاماتكمو حتى تلتصق بالأرض
أو أن تنكمش حتى يدخل أحدكمو فى سَمِّ الإبرة
لن ينجيكم أن تضعوا أقنعة القردة
لن ينجيكم أن تندمجوا أو تندغموا حتى تتكون ..
من أجسادكم المرتعدة
كومة قاذورات
فانفجروا أو موتوا
انفجروا أو موتوا "


وتجسد الرعب الأكبر فيما نقلته الكاميرات ، من قطع رقاب وحز رؤوس المصريين بأيدى داعش . كأن أبا زيد قد رأي هذا الحدث فى أواخر سبعينيات القرن الماضى ، رآه فى هؤلاء الطلاب المتحصنينن بالمسجد والمدججين بمشاعر الكراهية لكل من يحيط بهم ، رأى فيهم الخميرة التى ستنتج داعش ، ومن على شاكلتها ... وهذا هو ما دفعه لخوض معركة "تجديد الخطاب الدينى" ... ألف الكتب وألقى المحاضرات ، وحذر وأنذر ، غير أن هذا لم يقابل إلا بالسخرية والاستهزاء ، وتكفير الرجل ، والدعوة إلى التفريق بينه وبين زوجته ، وذلك من قبل كهنة الإسلام ومشايخه من الذين كانوا يروجون وقتئذ بفتاواهم لشركات نهب أموال المصريين ، ويتقاضون لقاء ذلك عمولات مجزية .

ربما لا يعرف الكثيرون الآن أن أول من فطن مبكرا إلى ضرورة "تجديد الخطاب الدينى" ، هو الدكتور "نصر حامد أبو زيد" ... وقد مضى على ذلك ما يقرب من أربعين عاما ... وها نحن نكتشف الآن أن ما كان يدعو إليه أضحى حاجة ملحة ، نروج لها جميعا ... شيوخا ومفكرين وفقهاء ... لاسيما بعد دعوة الرئيس السيسى لتجديد هذا الخطاب ، ووضعه علماء الأزهر أمام مسئوليتهم فى هذا التجديد .

وفى غمرة انهماكنا بتجديد الخطاب الدينى نسينا أن نعتذر للدكتور نصر حامد أبو زيد عن جهلنا ونطاعتنا . إن كثيرين ممن هاجموه ما زالوا على قيد الحياة ... هل يمتلك أحدهم شجاعة الاعتراف بأنه كان أفاقا وكاذبا وجهولا ، فى حين كان نصر حامد أبو زيد صادقا وعالما ومسئولا ؟.

عذرا أستاذنا الدكتور نصر حامد أبو زيد ، ونحسبك مع الأبرار والشهداء والصديقين .

خطأ
شكرا

شارك بآرائك وتعليقاتك




CAPTCHA security code