السفلة والأوغاد
لم أجد فى كل ما قرأت وسمعت ، منذ سطوع نجم جماعة الإخوان حتى أفولها فانحسارها فاندحارها ، من وصف يقدر على التعبير عن مأساوية ما نشهده يجرى فى مصر على يد هذا الفصيل من قول صلاح عبد الصبور فى مسرحية "ليلى والمجنون" على لسان الأستاذ فى معرض السخرية من السلطة التى تحرم الحب ؛ إذ يقول :
" عبــــثٌ ، والأيام تَجِـــدّْ
لا أدرى كيف ترعرع فى وادينا الطيب
هذا القدر من السفلة والأوغاد "
والشاهد هنا هو هذا التعبير "السفلة والأوغاد" ، ولا أدل على بلاغة هذا التعبير من انصراف ذهن القارئ إلى هذه الجماعة المنبوذة مباشرة بمجرد قراءته ، ولا أشك أن ذهن القارئ قد انصرف إلى هذه الجماعة بمجرد قراءة عنوان هذا المقال .
الرؤية الدرامية فى الأغنية العربية
ببساطة الدراما تعنى الصراع ؛ قد يكون صراعا فى الأفكار أو الرؤى أو الاتجاهات أو الأيديولوجيات ، ولكن عندما يتعلق الأمر بالأغنية فإن الصراع سيكون بين المشاعر والعواطف والأحاسيس ؛ وبما أن عاطفة الحب هى البؤرة التى تتجمع عندها ثم تنطلق منها كل الاشعاعات العاطفية والشعورية ، فإنه (الحب) سيكون مفجر الصراع ، ولئن كان الصراع يتطلب طرفين نقيضين أو أكثر ، فإنه فى مجال الحب سيكون بين محبة ومحبوبها ؛ وذلك عندما تقع المحبة أسيرة حب وهمى ؛ تتوهم أن الحبيب المتخيل يبادلها الحب ، لكنها تكتشف فى النهاية أنه لا يحس بها لأنه يعيش حبا آخر ، أو عندما تقع المحبة فى حب حقيقى ويحدث أن يتواعد المحبان على اللقاء فى مكان ما ، وفى هذا المكان تجلس المحبوبة فى انتظار حبيبها الذى لا يجئ ، فتقع فريسة الصراع بين شوقها للقاء وبين خوفها من غياب الحبيب..
آباء السيسى وأجداده ، وجوه من القوات المسلحة
عزا الكثيرون دخول ثورة 25يناير النفق المظلم إلى عدم وجود قيادة راشدة تمسك بدفة السفينة تصل بها إلى شاطئ الأمان ، زاد الطين بلة أن الفترة التي حكم فيها المجلس العسكري وقيل إنها فترة انتقالية ، كانت بامتياز فترة انتقامية ، لأن تخبط هذا المجلس وعدم وضوح رؤيته أدخلنا في متاهات ، ووجهنا إلى مسارات خاطئة، جعلتنا نبدأ السير في الطريق من جديد ، وكأن هذه الفترة لم تعد فترة ضائعة فحسب ، بل بدا الأمر كما لو كان المصريون يعاقبون على هذه الثورة التي ما كان يجب عليهم أن يقوموا بها ، وأكبر العقاب هو تسليم البلاد لأيدي الإخوان الذين أدخلونا في نفق أكثر إظلاما، وكان علينا أن نبدأ من نقطة الصفر وكأن أبا زيد الثورة المصرية لم يغز ولم يثر ولم يدفع باهظ الثمن ولا بالغ التضحيات.
وسط هذا الظلام الدامس أشرق وجه الفريق عبد الفتاح السيسى ، فاستقبله المصريون استقبال صحراء طال انتظارها للمطر ، وكما تتفتح الصحراء لتستقبل قطرات المياه بشوق وفرح ، كذلك استقبل المصريون كلمات السيسى ، تفتحت قلوبهم ، وانتعشت عقولهم ، وازدهرت الآمال في نفوسهم .
بواكير الرحلة المقدسة
قبل أن ينصرم عام الحزن ؛ عام 1967، كنا قد استدعينا نحن الشباب المصري الذي انتهى توا من دراسته المتوسطة أو الجامعية ، في إطار خطة قررت القوات المسلحة تبنيها ، وهى تجنيد حملة المؤهلات لأنهم الأقدر على استيعاب التقنيات الحديثة لاسيما بعدما تكشف من تخلف الجيش المصري عن العصر تدريبا وتسليحا وتعليما وإدارة، وهو ما ظهر جليا في نكسة 67فى يونيو الحزين....وبناء على نتائج الاختبارات التي أجريت لنا في مناطق التجنيد ثم توزيعنا على الأسلحة....ومن هناك؛ من منطقة تجنيد الزقازيق حملنا أمتعتنا على أكتافنا ليلا لنجد أنفسنا في صباح اليوم التالى في مركز تدريب القوات الخاصة بأنشاص..وكنت أسمع عن سلاح المشاة ..المدرعات..المدفعية..لكنى لم أسمع عن هذا السلاح الذي وزعت عليه وهو سلاح القوات الخاصة..وهناك في أنشاص عرفنا ما كنا نجهله بعد أن عرفنا أن هناك مدرستان :مدرسة للصاعقة وأخرى للمظلات..وكنا نستيقظ صباحا على زئير الجنود وهم يهزون السماء بشعارهم وكنا نتبين منه كلمات يرددونها:أسود..وحوش..بر..بحر..جو..وما هى إلا أيام حتى كنا نحن الجنود الجدد قد انخرطنا في سلك الجنود القدامى ،وبدأ هذا العالم الجديد الغريب تتكشف لنا معالمه شيئا فشيئا، وأصبحنا على دراية بالملامح التي تميز مدرسة الصاعقة عن مدرسة المظلات ،بحيث يمكننا أن نختار بينهما في يوم الاختيار....وكان حضور ما يسمى " بطابور المعركة" في مدرسة الصاعقة كافيا لعزوفنا عن الإستمرار في سلاح الصاعقة ..،وتفضيل سلاح المظلات عليه،رغم ما ينطوى عليه هذا السلاح من مخاطر كانت أصداؤها تتردد على مسامعنا من قدامى الجنود.
الكلمة بين الفعل واللافعل ، في شعر صلاح عبد الصبور
للكلمة أهميتها وخطورتها في حياة الأفراد والأمم على السواء ، ولئن صح أن الكلمة قد تكون سببا في رفع شأن الإنسان ونجاته ، فإنها بالطبع تكون سببا في خفضه وهلاكه . وقديما قيل : " مقتل الرجل بين فكيه " ، ولئن كانت عثرة الرًجل قابلة للبرء ، فإن عثرة اللسان قد تتسبب في هلاك صاحبها، وكما قال شاعر :
يموت الفتى من عثرةٍ بلسانه وليس يموت من عثرة الرًجلِ
لعثرته من فيه ترمى برأسه وعثرته بالرًجل تبرا على مهلِ