أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب ، جامعة دمياط
مقالات اكتوبريات مناقشات كتب صور سيرة حياة اتصل بي

اباء السيسى واجداده (وجوه من القوات المسلحة)

أضيفت فى السبت 19 يناير 2019
الوجه الأول : مساعد حسين عبد القادر :

في مدرسة المظلات بأنشاص ، أطل علينا بوجهه الأسمر الوسيم ، ونظراته المتوقدة ذكاء ، وحركاته الواثقة ، والتلويح بيده الذي يأتي منسجما ومتمما لنبرات صوته ، وهو يلقى علينا خطبه الحماسية التي كان يجد نفسه مدفوعا إليها بحكم الظرف القاسي الذي كانت تمر به مصر عقب نكسة 67، هذه الخطب التي جعلت صورته تتماهى في نفوسنا مع صورة جمال عبد الناصر سيما حين يتهدج صوته ليذكرنا بواجبنا إزاء الجنود الإسرائيليين الذين يلوثون قناة السويس بالاستحمام فيها والاستجمام على شاطئها ... وقد كانت وجوه الشبه كثيرة ، فهما صعيديان أسمران تنطق كل خلية فيهما بحب هذه الأرض والتفانى في عشقها والوصول إلى أبعد مدى في التضحية من أجلها ، كان صدقه حقيقيا ،لا افتعال فيه ، ولا آثر لرياء أو نفاق أو ادعاء ، هكذا خلقه الله ، ولا تبديل لخلق الله ، حاسما كان وجازما إلى أقصى درجة ، وإنسانا يبكى أمام المواقف البسيطة كأنما يسكنه طفل .
اقرأ المزيد

آباء السيسى وأجداده ، وجوه من القوات المسلحة

أضيفت فى السبت 19 يناير 2019
عزا الكثيرون دخول ثورة 25يناير النفق المظلم إلى عدم وجود قيادة راشدة تمسك بدفة السفينة تصل بها إلى شاطئ الأمان ، زاد الطين بلة أن الفترة التي حكم فيها المجلس العسكري وقيل إنها فترة انتقالية ، كانت بامتياز فترة انتقامية ، لأن تخبط هذا المجلس وعدم وضوح رؤيته أدخلنا في متاهات ، ووجهنا إلى مسارات خاطئة، جعلتنا نبدأ السير في الطريق من جديد ، وكأن هذه الفترة لم تعد فترة ضائعة فحسب ، بل بدا الأمر كما لو كان المصريون يعاقبون على هذه الثورة التي ما كان يجب عليهم أن يقوموا بها ، وأكبر العقاب هو تسليم البلاد لأيدي الإخوان الذين أدخلونا في نفق أكثر إظلاما، وكان علينا أن نبدأ من نقطة الصفر وكأن أبا زيد الثورة المصرية لم يغز ولم يثر ولم يدفع باهظ الثمن ولا بالغ التضحيات.
اقرأ المزيد

مركز التدريب الأولى بمدرسة الصاعقة

أضيفت فى السبت 19 يناير 2019
هذا هو المكان الذي يستقبل فيه الجندى القادم من الحياة المدنية إلى حياة أخرى جديدة عليه ...وأهم وظيفة يقوم بها هذا المركز هى أن يغسل كل آثار الحياة المدنية التي أتى بها الجندى،كل العادات والتقاليد التي اعتادها، وكل السلوكيات التي يمارسها، يعامل الجندى كما لو كان مادة خام علقت بها شوائب كثيرة ،وأنها لكى تصبح صالحة لتدويرها من جديد علينا أن ننقيها وننظفها ونصفيها مما علق بها من شوائب الحياة المدنية بكل ما فيها من بساطة وتلقائية ورخاوة لا تليق بمن سينتظم في سلك الجندية ، وكانت عملية الغسيل هذه قد استغرقت شهرا ونصف،أصبح الواحد منا خلقا آخر،الاستيقاظ المبكر، الانتظام في الطوابير الرياضية ،الاعتياد على آداء المجموعة التكوينية ، الجرى لمسافات طويلة وسط حدائق أنشاص الشاسعة نهز الكون ونوقظه على صيحاتنا : أسود، وحوش، بر ،بحر، جو، إدمان مجموعة التمارين رقم 6،9، والعقلة، وأدائها في الذهاب والإياب، في الصباح والمساء وعقد مباريات ودية فيما بيننا لمعرفة من سيصل إلى العدد الأكبر في هذه التمارين...الوقوف خدمة مساء، الجرى حتى الكنتور 50" وهو جبل في صحراء أنشاص صعوده يتطلب قدرا كبيرا من الجهد ويسبب مشقة ملحوظة للجنود .الاكتفاء بالطعام الميرى ويمنع منعا باتا الاعتماد على أية أغذية خارجية ... الاندماج في طابور الصاعقة الذي كان يتعرض فيه الجنود للكمات وركلات من معلمى الصاعقة. إذا أبدوا تكاسلا أثناء آداء الطابور...منع النزول إلى الحياة المدنية ومنع الزيارات ،الانقطاع التام لحياة عسكرية جديدة تؤهل الإنسان لما سوف ينتظره من سنوات يقضيها في فترة التجنيد . كان هذا هو الفرن الذي لابد أن يبدأ به الجندى حياته في القوات الخاصة ...هذا الفرن هو الذي ينقل الإنسان من مرحلة المدنية إلى مرحلة العسكرية ، بعد أن يتم صهره من إنسان مدنى يتسكع في الشوارع بالقميص والبنطلون ، يقزقز اللب، ويعاكس البنات ،إلى رجل عسكرى سلوكه وتصرفاته وأقواله كلها محكومة بما يسمى الضبط والربط ....ملتزم بتنفيذ الأوامر وإن كانت خطأ.

اقرأ المزيد

من وحى اجواء أكتوبر

أضيفت فى السبت 19 يناير 2019
قبل أن ينصرم عام الحزن ؛ عام 1967، كنا قد استدعينا نحن الشباب المصري الذي انتهى توا من دراسته المتوسطة أو الجامعية ، في إطار خطة قررت القوات المسلحة تبنيها ، وهى تجنيد حملة المؤهلات لأنهم الأقدر على استيعاب التقنيات الحديثة لاسيما بعدما تكشف من تخلف الجيش المصري عن العصر تدريبا وتسليحا وتعليما وإدارة، وهو ما ظهر جليا في نكسة 67فى يونيو الحزين....وبناء على نتائج الاختبارات التي أجريت لنا في مناطق التجنيد ثم توزيعنا على الأسلحة....ومن هناك؛ من منطقة تجنيد الزقازيق حملنا أمتعتنا على أكتافنا ليلا لنجد أنفسنا في صباح اليوم التالى في مركز تدريب القوات الخاصة بأنشاص..وكنت أسمع عن سلاح المشاة ..المدرعات..المدفعية..لكنى لم أسمع عن هذا السلاح الذي وزعت عليه وهو سلاح القوات الخاصة..وهناك في أنشاص عرفنا ما كنا نجهله بعد أن عرفنا أن هناك مدرستان :مدرسة للصاعقة وأخرى للمظلات..وكنا نستيقظ صباحا على زئير الجنود وهم يهزون السماء بشعارهم وكنا نتبين منه كلمات يرددونها:أسود..وحوش..بر..بحر..جو..وما هى إلا أيام حتى كنا نحن الجنود الجدد قد انخرطنا في سلك الجنود القدامى ،وبدأ هذا العالم الجديد الغريب تتكشف لنا معالمه شيئا فشيئا، وأصبحنا على دراية بالملامح التي تميز مدرسة الصاعقة عن مدرسة المظلات ،بحيث يمكننا أن نختار بينهما في يوم الاختيار....وكان حضور ما يسمى " بطابور المعركة" في مدرسة الصاعقة كافيا لعزوفنا عن الإستمرار في سلاح الصاعقة ..،وتفضيل سلاح المظلات عليه،رغم ما ينطوى عليه هذا السلاح من مخاطر كانت أصداؤها تتردد على مسامعنا من قدامى الجنود.
اقرأ المزيد

من قصص السفلة والأوغاد

أضيفت فى الخميس 07 يوليو 2016 | تعليقات 1
ثلاث مرات فى حياتى الجامعية التى امتدت لأكثر من ثلاثة عقود و نصف، عجزت فيها عن السيطرة على نفسى، ووجدتنى أندفع غاضبا ملوحا بيدى، ومتفوها بكلمات خشنة، برغم ما ألزمت به نفسى من ضرورة كبح انفعالاتي والتحكم فيها، غير أن ما تعرضت له فى هذه المرات الثلاث كان أشبه بزلزال هز كل أعمدة الضبط و الربط، ورباطة الجأش وأدوات الكبح والتحكم التى تصورت أننى حصنت نفسى بها، فأصبحت بمأمن من الانسياق فى تيار المشاعر المنبثقة من المواقف المباغتة أو الظروف الطارئة.

الموقف الأول:

في كلية الآداب جامعة كفر الشيخ، كنت أُدرِّس قصيدة خمرية لأبى نواس ضمن مقرر الأدب العباسى، إذ لاحظت أن طالبة منتقبة تجلس فى آخر الصف قد بدا عليها التوتر والانفعال، فبادرت بسؤالها إن كانت تريد شيئا، فهبت واقفة معلنة استياءها من الموضوع جميعه، إذ إنها كانت تتمنى أن تسمع شعرا يحض على الأخلاق والدين، والمعروف أن الخلط بين الأخلاق والدين فى درس الأدب خطأ جسيم، غير أن سلوك الطالبة دفعنى لتأمل الموقف من جديد.. وقد شرعت بالفعل فى البحث عن طبيعة العلاقة بين الفن والأخلاق فى ضوء الحالة النواسية، انتهيت إلى نتيجة مؤداها : "إذا كان أبونواس قد تخلى عن كل فضيلة، فحسبه أنه قد تحلى بفضيلة الصدق، ولئن كان صدقا يندى له الجبين، إلا أنه يَفْضُل كذب المحسوبين –خطأ- على الأخلاق والدين، وهكذا لخصت من خلال هذا البحث القول فى هذا الفصيل الذى أراد للشعر أن يكون عبدا للأخلاق، وبدا لى أن أبا نواس بكل مجونياته أفضل من هؤلاء الذين اختزلوا الدين فى القشرة التى تستر أجسادهم. غير أننى آثرت أن أعبر عن استيائى من أجواء التجريم والتحريم التى شاعت فى المجتمع عامة وفى الجامعة خاصة من خلال عبارة قالها صلاح عبدالصبور على لسان "الأستاذ" فى موقف مشابه من مسرحية "ليلى والمجنون".. قال وأقول:

"لا أدرى كيف ترعرع فى وادينا الطيب/ هذا القدر من السفلة و الأوغاد".
اقرأ المزيد
«123456789101112»